الأربعاء، 2 ديسمبر 2015

بلدية "بلعاص" بولاية عين الدفلى... بلدية من زمن الأرشيف تبحث عن مخرج من أزمتها

    بلدية بلعاص في تهميش                      


بلدية "بلعاص" بولاية عين الدفلى... بلدية من زمن الأرشيف تبحث عن مخرج من أزمتها

تبقى عجلة التنمية ببلدية بلعاص بولاية عين الدفلى، متأخرة ومرهونة بتدخل السلطات الولائية، كما أن المنطقة تزخر بطاقات بشرية وإمكانات طبيعية هائلة نظرا لموقعها الجغرافي ومناخها القاري اللذان من شأنهما أن يساعداها في الخروج من دوامة الأزمة الراهنة وإحداث ظفره إيجابية في التنمية الفلاحي. 

 روبورتاج:  

بلدية بلعاص تلك القرية التي تحتضنها تضاريس جبال الونشريس والتي يضرب بها المثل في الإنتاج الفلاحي والأشجار المثمرة، صنفت من بين أفقر البلديات على المستوى الوطني، نتيجة حرمانها من المشاريع التنموية والاستثمارية، وهو ما جعل عجلة التنمية بها بعيدة كل البعد عما يطمح إليه قاطنوها، وإن تمكنت من قطع دابر الجماعات المسلحة والتي لازالت بصماتها عالقة في أذهانها إلا أنها لم تتمكن من الخروج من دائرة النسيان، نتيجة عزلتها وانعدام مداخلها لتغيير وجهها الشاحب، حيث تقع في أقصى الجنوب الغربي لعاصمة الولاية عين الدفلى، وعلى مسافة  72 كلم  تتربع على مساحة تقدر بـ 127 كلم2 وتشكل معظم أراضيها سهول وتضاريس جبلية زادت من تفاقم الوضع الاجتماعي، كما يعيش سكانها المقدر عددهم بـ  5534 نسمة وضع جد صعب حول حياتهم اليومية إلى جحيم لا يطاق فلا شيء يبعث الأمل لهذه البلدية النائية التي لازالت تعاني من مشاكل جمة، جراء الأحداث الثقيلة التي عرفتها المنطقة بطابعها الجغرافي والتي تحولت إلى منطقة عبور الجماعة المسلحة أين كانت مسرحا لأعملهم الإجرامية والتخريبية راح ضحيتها العشرات من الأبرياء بعد إن أحكمت سيطرتها على السير الحسن للحياة اليومية مستغلة في ذلك تخلف وعزلة السكان.


وأجبرت الظروف ما يقارب 3000 عائلة إلى النزوح الريفي نحو أماكن آمنة لاسيما تلك القريبة من مقر البلدية خلال العشرية السوداء، مما خلق صعوبة للمسؤلين المحليين في إحداث ظفره إيجابية على مستوى التنمية ووقوفهم ميدانيا على مشاكل وتطلعات المواطنين، حيث انعكست سلبا على أوضاعهم المعيشية ويظهر ذلك بجلاء من خلال النداءات المتكررة والتي من خلالها يعيش هؤلاء عزلة مفروضة وحياة بدائية جراء النقص الفادح في مختلف متطلبات العيش الكريم مما جعلهم يطالبون بتحسينها.


بلدية بلعاص في تهميش 


 السكن الحلم المنتظر


 معظم سكنات مداشرها ذات طابع قصديري منجزة من قوالب الطوب وسقفها من صفائح الترنيت، تنعدم بها أبسط شروط العيش الكريم، ناهيك عن متاعب قارورة الغاز التي أنهكت كيانهم، والتهيئة الغائبة والنظافة المنعدمة التي تسببت في تفشي الأمراض.


 العزلة فرضت نفسها


 لا يزال سكان هذه البلدية وبالخصوص المداشر يواجهون صعوبة في التنقل إلى وجهاتهم المختلفة، بسبب إهتراء الطرق والتي لازالت أغلبها ترابية وغير صالحة للسير، خاصة في فصل الشتاء أين تكثر الأوحال الناجمة عن تراكم مياه الأمطار، وهو المنظر الذي يؤدي أحيانا إلى توقف العديد من المتمدرسين عن مزاولة دراستهم نتيجة افتقار المنطقة لمسالك تسهل من عملية عبورها ونقص وسائل النقل.


 مياه الشرب لمن استطاع إليها سبيلا


 وفي ما يخص المياه الصالحة للشرب فالسكان يعتمدون على الطرق التقليدية لجلبها داخل دلاء وصفائح البلاستيك أو أي شيء يمكنه أن يحمل قطرة ماء تسد به غليل عشرات الأفراد على اعتبار المياه القادمة عن طريق صهاريج البلدية التي تزودهم  بها مرة في ثلاثة أيام كون البلدية تملك وسائل محدودة وغير كافية لتغطية العجز وتلبية كل طلبات السكان في يوم واحد.


 هاجس البطالة يطارد الشباب


  هاجس البطالة  الذي استقر بالبلدية حول يوميات شبابها إلى روتين ينامون ويستيقظون عليه وكأنه يوم واحد يمر بهم دون تغيير، فانشغالهم بالحديث عن التفكير بالهروب من بلديتهم أو الحرقة كما يقول محمد ذو 37 سنة أحد شباب البلدية التقته  الذي قام برحلة غير شرعية عبر قوارب الموت إلا أن القدر كان معه وعاد حيا يرزق متسائلا عن المدة التي تستغرقها معاناتهم خاصة وأن  معظم الشباب أرباب أسر وأحيانا يفكرون بالانتحار بدل الموت البطيء الذي بات يلاحقهم يوميا.


 خدمات طبية متدنية ومطالب بإنجاز قاعة علاج جديدة


 وفي مجال الصحة العمومية، تتوفر البلدية على قاعة علاج وحيدة لـ 5534 نسمة، تفتقر للمستلزمات الطبية، تتسع لـ 10 مرضى في الأسبوع ما أدى بالمصابين وخاصة بالأمراض المستعصية والنساء الحوامل التنقل إلى البلديات المجاورة لمواصلة العلاج وعلى مسافات تفوق 8 كلم وعلى وسائل خاصة إن وجدت، أو تفارق الحياة ببيتها، في الوقت الذي لم تجد آذانا صاغية تستوعب مشاكل وأهات عشرات العائلات المعوزة التي ينخر الفقر كيانها، مما أجبر العديد منهم على الهجرة نحو المدن الكبرى بحثا عن مناصب الشغل في الوقت الذي يمارس السكان الأصليين للمنطقة بعض الحرف التقليدية والأنشطة الفلاحية كتربية النحل والمواشي والتي لا يمكن أن تسد حاجيات العائلات.


 محمد شعيبي: الوضع التنموي بالبلدية في الحضيض ونسعى للتكفل بانشغالات المواطنين


 كشف محمد شعيبي رئيس بلدية بلعاص في حديث ، أن "ما قاله المواطنين حقيقة، ففي قطاع السكن لازالت مداشر البلدية تتميز ببنايات قصديرية منجزة من قوالب الطوب وصفائح الترنيت لا تتماشى والعيش الكريم، سببها النزوح الريفي الذي كان وراء أزمة السكن، ورغم استفادة البلدية على أكثر من 1000 إعانة مالية خاصة بالسكن الريفي إلا أنها غير كافية لتغطية العجز كون السكان في تزايد مستمر، في وقت لم تتحصل البلدية على مخطط عمراني خاص بالسكن الاجتماعي.


وعن المياه الصالحة للشرب، تفتقر البلدية للمياه السطحية والجوفية ما أدى إلى تزويد السكان عن طريق الصهاريج في انتظار انتهاء أشغال ربط الشبكة من سد سيدي بوزيان الذي يكون الحل الأنجع لهذه الأزمة خاصة وأن ثلاث بلديات تتزود منه وهي بطحية، الحسنية وبلعاص".


"وفي مجال الشغل، تحصلنا على 200 منصب شغل عن طريق وكالة التشغيل، إلا أنها غير كافية ما أدى بمصالح البلدية إلى المطالبة بالمزيد من مناصب الشغل، هذا في الوقت الذي ينعدم بها قطاع التكوين المهني، لا مركز ولا حتى ملحقة لتكوين شباب البلدية وإخراجهم من التسرب المدرسي، رغم مراسلتنا مديرية التكوين العديد من المرات إلا أنها بات بالفشل ولا حياة لمن تنادي، هذا ما يدل على أن البلدية صنفت من أفقر بلديات الوطن. وفي قطاع التربية الذي لم يتحدث عنه سكان البلدية فهو بعيد كل البعد عما يطمح له تلاميذ ابتدائيات البلدية، حيث أنها تفتقر لمتوسطة وثانوية، وهو الأمر الذي يؤدي بالمتمدرسين إلى قطع مسافة تفوق 8 كلم للإتحاف بمقاعد الدراسة رغم قلة وسائل النقل المدرسي والتي تعد غير كافية لتغطية العجز".


"وعن قطاع الشباب والرياضة فالبلدية تتوفر على 5 ملاعب جواريه  لائقة ودار الشباب التي عرف نقصا في لوازم الرياضة  حيث أصبحت مهجورة.  واختم كلامي هذا بتقديم شكري للصحيفة التي وقفت معنا في كل الجوانب،  تحياتي لمدير وطاقم الصحيفة".

ليست هناك تعليقات: