الأحد، 19 يوليو 2015

عين الدفلى: التكوين في مهن الفلاحة لا يستهوي الشباب

وسط مدينة عين الدفلى



يتابع 114 متربصا فقط تكوينا في تخصصات مرتبطة بالفلاحة على مستوى مراكز التكوين والتعليم المهنيين لولاية عين الدفلى، بالرغم من أن هذه الولاية ذات طابع فلاحي بامتياز وتتبوأ المرتبة الثانية على الصعيد الوطني في إنتاج البطاطس إلا أن كل ذلك لم يكف لتشجيع الشباب لاختيار تكوين في التخصص الفلاحي، وهذا ما يمكن أن يؤثر على المدى البعيد على السير الحسن لهذا القطاع على المستوى المحلي والجهوي.وفي الوقت الذي تلح الوصاية من هياكل التكوين على ضرورة اختيار اختصاصات تتلاءم مع طابع كل منطقة وخصوصياتها فإنه بولاية عين الدفلى يلاحظ أن هذا النداء لم يلق النتيجة المرجوة، حيث أن الشباب يفضلون اختصاصات أخرى.… حرفة شاقة وليست لها قيمةوفي هذا السياق اعتبر رمزي -وهو شاب عمره 19 سنة أكمل دورته التكوينية مدتها عام ونصف بمركز التكوين المهني لوادي شرفة ( جنوب الولاية ) في الطلاء- أن الفلاحة هي "حرفة شاقة تتطلب تجند كبيرا وجهودا متواصلة من قبل الشخص الذي يمارسها".وحسبه فإن النجاح في ميدان الفلاحة غير مضمون بسبب عوامل لها علاقة بتسويق البضاعة وتقلبات الطقس، وقد ذكر على سبيل المثال حالة كثير من الناس في الحي الذي يقيم فيه.من جهته اعتبر سيف الدين 18 سنة -الذي يتابع تكوينا في النجارة بمركز التكوين المهني لعين الدفلى 2 -أن الفلاحة تتطلب إمكانات كثيرة وخاصة المالية منها وهو ما لم يحفز أي شخص على ممارستها.وأفاد ذات المتحدث أنه يجد راحة تامة في اختصاصه، مشيرا إلى الظروف الصعبة التي يعمل فيها الفلاحون خاصة في موسم الحر الشديد.أما قويدر ورغم سنه 38 عام، حيث تابع تكوينا في تخصص كهرباء السيارات فقد يرى أن الفلاحة "ليست لها قيمة على الصعيد الاجتماعي، لافتا إلى أنه لا يمكن أن ينجح شخص في حرفة ما إذا لم يختارها عن قناعة.… تقنيات إدارية وتسيير على رأس الاختصاصات الأكثر استقطاب للشبابووفقا لمسؤول مصلحة المتابعة والتكوين بالمديرية المحلية للقطاع فإنه من مجموع 545 11 شابا الذي تابع تكوينا خلال سنتي 2014 و 2015 نجد أن 2540 (أي 22 بالمائة منهم فقط) اختار تخصص تقنيات إدارية وتسيير.وأكد عبد الله بن موسى أنه يوجد بالمقابل 144 متربصا، أي 1,25 بالمائة من مجموع المتربصين يتابعون تكوينا في اختصاصات تتعلق بالفلاحة، مفيدا بأن محاولة إقناع الشباب لاختيار ميادين للنشاطات تتطابق مع طابع الولاية هي بعيدة المنال رغم تحسيسهم بالجوانب الإيجابية لقطاع الفلاحة.وبالنسبة لمدير القطاع على مستوى ولاية عين الدفلى، فإن إحجام العديد من الأولياء في رؤية أولادهم متابعة تكوينا مهنيا في ميدان الفلاحة يفسر جانبا كبيرا من قلة الإقبال على مجالات التكوين المقدمة في هذا القطاع.ويرى ذات المصدر أن بعض الأولياء يريدون أن يصبح أبنائهم أطباء أو مهندسين متجاهلين أن مستواهم لا يسمح بذلك، مبرزا أهمية وضع سياسة تحسيسية لتغيير هذه الذهنية.وألح في هذا السياق قائلا " على المجتمع برمته محاربة الفكرة التي ترى بأن الشباب الذين يلجأون إلى قطاع التكوين المهني هم الذين رفضتهم المدرسة، مقدما أمثلة عن نجاح العديد منهم ".…"الاعتراف الاجتماعي" عنصر أساسي قادر على إعطاء دفع للقطاعواستنادا لآراء العديد من الفلاحين القدماء بعين الدفلى فإنه ليست هناك تنمية حقيقية في الميدان الفلاحي بدون الشباب، مشيرين إلى أنه بالنظر إلى خصوصياتها والعراقيل التي تعترضها ومشقة نشاطها فإن الفلاحة بحاجة إلى شغفهم وطاقتهم.وفي هذا الصدد اعتبر عمي علي أحد فلاحي منطقة مخاطرية ( 5 كلم شمال عين الدفلى) أن "الاعتراف الاجتماعي بالنشاطات الفلاحية يعد عنصرا أساسيا لإعطاء دفع لهذا القطاع وجعله أكثر جلبا للشباب".وأوضح أن "بعض الشباب يرون أن الفلاحة هي اسم مرادف لعمل شاق وخاص بأهل القرى"، ملاحظا أن أفضل وسيلة للقضاء على الفقر تكمن في العودة إلى خدمة الأرض وتربية الماشية.وأردف قائلا أن الفلاحة اليوم تمارس في ظروف أفضل بكثير من تلك التي كانت قبل 30 أو 40 سنة، لافتا إلى نجاح العديد من الشباب (في الميدان الفلاحي) الذين استفادوا من أجهزة الدعم التي وضعتها الدولة.… تكنولوجيات الإعلام والاتصال للنجدةبدوره اعتبر أحد أساتذة جامعة خميس مليانة أن التطور السريع لتكنولوجيات الإعلام والاتصال يمكن أن يؤدي إلى تجدد الاهتمام من جانب الشباب للقطاع الفلاحي، وذلك عن طريق تطوير الإعلام التجاري، وكذا تقنيات الإنتاج وفرص التمويل.وأوضح الأستاذ حاج عيلام -وهو أيضا مسؤول على مخبر البحث بذات الجامعة- أن الشباب لا يرغبون العمل في قطاع الفلاحة باستخدام الوسائل القديمة لأجدادهم ولكن يريدون ممارسة ذلك بطريقة عصرية تأخذ بعين الاعتبار آمالهم المستقبلية كونهم ينتمون إلى عصر الرقمنة، حيث التصورات والتطلعات تتشكل بالتكنولوجيات الجديدة للاتصال.وأضاف أن التهافت على التكوين في ميدان الفلاحة تراجع بسبب نقص الصرامة في العمل الهادفة إلى جعل القطاع أكثر جاذبية، معتبرا أن ولاية عين الدفلى ليست سوى عينة من بين الكثير من المناطق الأخرى.

ليست هناك تعليقات: